من أوراق شاعر عبدالله اللويحان

الموضوع في 'الشعر والروايات الادبية' بواسطة ابوفارس, بتاريخ ‏31 أكتوبر 2020.

  1. ابوفارس

    ابوفارس ادارة المنتدى إداري

    إنضم إلينا في:
    ‏12 يوليو 2014
    المشاركات:
    690
    الإعجابات المتلقاة:
    200
    نقاط الجائزة:
    43
    الجنس:
    ذكر
    من أوراق شاعر
    عبدالله اللويحان.. رصانة الحكمة وبوح الوجدان



    * كتب - علي المفضي:

    يعد عبدالله بن عبدالرحمن اللويحان من أبرز شعراء جيله حيث عاش في فترة غنية بالشعر وفحول الشعراء أمثال سليمان بن شريم وصقر النصافي وكان لتنقل لويحان من مكان ميلاده (نفي) حيث بيئة الشعر الرائع بين عبدالله بن سبيل وسعيدان إلى الكويت والقصيم والحجاز وتنوع ممارسته للعمل بين التجارة والزراعة دور كبير في تنوع مصادر ثقافته الانسانية والشعرية وقد مارس الزراعة فترة من الزمن سعيا إلى البحث عن حظه الا أن الظروف السيئة كانت ملازمة له حيث حذر منها في إحدى قصائده.

    حداني على قطع الخبط غزة الناعور

    وأنا قبل غزه سالم الدين واشوى لي

    تمنيت لو اني على اللي تكب الكور

    طليق الأيادي تقطع الفنتق الخالي

    ابهدي عليكم يالفلاليح مني شور

    الى صار كلش دين من راعي المالي

    ترى تركته هي مطلب العز والمذخور

    اقوله وانا ما انذرت حالي عن افعالي

    ويذكر انه عمل بالغوص زمنا إلا أنه ليس بصنعته التي يجيد لذا لم يدم بها طويلا بل كان متذمرا يتمنى العطش والجفاف في دياره التي لا يستطيع الانفكاك منها، وقد قيل (المربى قتال) إذ ليس سوى نجد وما حولها جوا يتناسب وطبيعة شاعر عشق حتى الكفاف من أجلها.

    هاضني وأبدي كنيني يوم طبيت المنامة

    ديرة ماطبها جدي ولا ابوي القريبي

    ياولي العرش منها كف رجلي بالسلامة

    قبل ما يلحق جديد العمر فلاج الطليبي

    اتنحر نجد حيث إن نجد مضبوطة كمامة

    ضابطة مقدم هل العوجا منزحة الحريبي

    والله ان ركبي على هرشٍ ومن فوقه مسامة

    اشهب ذيله مشلوط كن جلده جلد ذيبي

    في هبايب نجد وارقى من عدامة في عدامة

    شربي الما الهمج باوطاني كما شرب الحليبي

    انه اشوى من ركوب الغوص مع خطو الفدامة

    ما يحوش الليل معهم غير مقرود النصيبي

    وقد اتفق لعبدالله اللويحان سعة الاطلاع والمجالسة ومقارعة الخصوم في حلبات الرد حيث كان أحد قادته الكبار مع قوة العبارة ورصانة الكلمة والنظرة الثاقبة إلى عمق الحياة والناس وحين تتوفر هذه المقومات لمبدع موهوب فإنها تدفعه إلى الرقي والرفعة في سلم الشعر وسماء الكلمة ومن ثم عقول عشاق فن القصيد وقلوبهم ومنذ أن عثرت على أول قصيدة للويحان وأنا أحاول أن أستزيد منه ليقيني أن شعرا مثل شعره حري بأن يطرب ويشجي ويقنع.

    شيبت واليوم شايب والهدف واحد واعرف السلوم

    ما احب هرج القفا ولا انقل النمة ولا امشي بها

    والشاعر الذي يقنعك في كل غرض يتطرق اليه لابد أن يكون شاعراً متسع المدارك بعيد العمق يسوق المعنى الذي يريد ايصاله اليك دون تكلف او عناء فالعبارات والمعاني قد ركبت في ذهنه ورتبت بشكل سلس لا يتكلف بإيصالها إذ ليس عليه إلا أن يبدأ ويتبين ذلك جليا عند القليل من أمثاله اذا وقفوا في ساحات (الرد) لتدرك أن الكلمات تخرج مرتبة الصياغة بليغة المعنى سهلة الالتقاط ممتعة رائعة السبك فعبدالله اللويحان لم تقتصر مادة شعره على غرض دون آخر فهو في الشعر الحماسي والوطني لا يختلف عن قوته وجزالته في الحكمة والغزل لم لا والمصدر وجدانه وفكره الغنيان بالتجارب والخبرة إلى جانب الرقة والعذوبة.

    ابديت ما اخفيت واخترت المصيب من النهاديب

    ابيات يفهم لها من كان له قلبٍ لبيبي

    قالوا لي الناس شبت وقلت مايزملني الشيب

    من عاش ما مات لابده من الدنيا يشيبي

    الشيب ما فيه لابن آدم مناقيد وعذاريب

    غذاه فضل الشباب وراح مرجاعه صعيبي

    تسير الأقدار بالمخلوق تشريقٍ وتغريب

    برَق بزين القمر وإذا انتهى وقته يغيبي

    كلٍ على قد حاله مونسٍ منها تجاريب

    شيٍ يعالج وشي عاجزٍ عنه الطبيبي

    يا طيب العقل ما تكمل بدنياك المطاليب

    تطيب لك حاجتين وثالثتهن ماتطيبي

    ومن شعره الذي يوحي كما أسلفنا بعمق تجاربه ونظرته للحياة واناس

    إلا ياما لفرقى العين إلا ياما لفرقى العين

    يابعد الفرق بين الناس ياخلاق ياكافي

    خطاة الزول صورة يحسب الجمعة ضحى الاثنين

    يغر الاجنبي زوله وفي ملبوسه الضافي

    والى منك قرعت زناد عرفه مع هل التثمين

    لقيته عملةٍ ماتندرج مع كل صرافي

    الا ياتابع المقفين تتبعهم وهم مقفين

    نقاصة عقل ياللي تتبع اللي معطيٍ قافي

    ربيعٍ ماتطول حماه لو يذكر نباته زين

    فهو من حظ غيرك فيه له مربع ومصيافي

    انه لويحان الذي يقول:

    من عاش في حيله وكذب وتهاويل

    ياسرع من عقب الطلوع انحداره

    والشور ما ينفع قلوب المهابيل

    كالزند وان حرك تطاير شراره

    لو تامره بالعدل يعرض على الميل

    بتل على رايه بربح وخسارة

    والطبع ما ينزال غيره بتبديل

    مثل الجدي مرساه ليله نهاره

    والحنظلة لو هي على شاطي النيل

    زادت مرارتها القديمة مرارة

    وقد عرف عن عبدالله اللويحان قوته في ملاعب الرد في الكويت والقصيم والحجاز ومقارعته لخصومه بالبليغ من الشعر والكثير من الحكمة والشواهد على روعته في كل جانب يدخله كثيرة حيث تضيق المساحة على ابداعه وروعته ومن ردياته ما دار بينه وبين صقر النصافي.

    لويحان:

    سلام ردّيةٍ من خاطري والبال منساح

    احلى من الذوب واحلى من شهاليل القراحي

    باللي لفوا من بعيد الدار مقصدهم للارباح

    غفران من والي الاقدار علام المشاحي

    النصافي:

    يا مرحبا عد ما هب النسيم وعد مالاح

    برق تزبر مزونه ثم منه الوبل طاحي

    بالصاحب اللي صديقٍ لي وماشيٍ لي بلا نصاح

    حامى على ما مضى يوم ذاك الوقت راحي

    لويحان:

    فيما مضى لي بطاروق الهوى مسرح ومرواح

    واليوم يا صقر ما يومي على الصيده جناحي

    ما هوب صيدي مطاعه مير اشوف الوقت شحاح

    بيني ومن بينهم صدفات ماش أرض بياحي

    النصافي:

    لا والله الا شعرك أسود ووجهك فيه الافلاح

    تبي تصيد السمين اليا قنصته بالمضاحي

    مير البلا اللي اليا منه بغى ملقافهن طاح

    مثلي عن الصيد عند البيت مصباحي مراحي

    لويحان:

    اخذت انا وانت هجره نرتوي من غير مياح

    نشرب عدودٍ طوالٍ ما تهقواها السداحي

    ياليتني وأنت قدم الموت حيثه سقم الأرواح

    ما صرت أنا بالحجاز ومسكنك دار الصباحي

    ومن غزل عبدالله اللويحان:

    يا ونتي منها المعاليق يباس

    صبري قضى ما باقي إلا قليله

    صبرت صبر صابني منه وسواس

    صبر له النفس العزيزة ذليله

    على وليفٍ حال من دونه الياس

    والياس طبٍ للقلوب العليله

    ومن جميل ما قال حيث جمع بين الحكمة والغزل قوله:

    البارحة البارح البارح سهرت وعفت انا النوم

    لولا محبة عشيري كان ما سهرت عيوني

    إن كان باكر وليل القابلة مثل أمس واليوم

    اطول عليّ السهر وانا احسب ان امره يهوني

    اسهر على اللي مصيبٍ ضامري مانيب مليوم

    لولا الغرابيل ما جر أشهب الذيب اللحوني

    وقوله:

    ما سوق ما سوق يا قلب الخطا ما سوق ما سوق

    لو ان عندك معرفه ما تولّع باجنبيه

    يا عود موزٍ يديره بارد النسناس برفوق

    فيه الثمر مال يطرب راعي العين الشقيه

    يا ناس عمر الفتى لو طالت الايام ملحوق

    والمسعد اللي يحصل مقصده والنفس حيه

    واين انت يالصاحب اللي في حفيّ السد ما ثوق

    أبدي لك السالفه وتشوف هي حق او خطيه

    واحفظ لسانك ترى البلوى تراقب كل منطوق

    ترى البلاوي مركّبةٍ على لفظ الزرية

    انا تحدّرت لبلاد الرياض وصاحبي فوق

    متى على خير تلتم الرعية بالرعية

    وأخيراً هذا هو الشاعر الكبير عبدالله بن عبدالرحمن اللويحان بمقتطفات قصيرة من إبداعه الذي يتجدد يوما بعد يوم وكأنه كتب البارحة برغم مرور ربع قرن على وفاته، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجميع المسلمين.
     

مشاركة هذه الصفحة