تفسير الآية ” بارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام “

الموضوع في 'ديننا الاسلام' بواسطة naya, بتاريخ ‏15 أغسطس 2018.

  1. naya

    naya مشرف

    إنضم إلينا في:
    ‏13 أغسطس 2018
    المشاركات:
    253
    الإعجابات المتلقاة:
    313
    نقاط الجائزة:
    93
    الجنس:
    أنثى
    { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } [سورة فصلت: 10].



    تفسير الآية الطبري :
    { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا }
    يقول تعالى ذكره: وجعل في الأرض التي خلق في يومين جبالا رواسي، وهي الثوابت في الأرض من فوقها، يعني : من فوق الأرض على ظهرها، وقوله: { وَبَارَكَ فِيهَا } يقول : وبارك في الأرض فجعلها دائمة الخير لأهلها، وقد ذكر عن السدي { وَبَارَكَ فِيهَا }قال : أنبت شجرها، { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا } اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: وقدر فيها أقوات أهلها بمعنى أرزاقهم ومعايشهم، قال ابن زيد: قدر فيها أرزاق العباد.

    وقال آخرون: بل معناه وقدر فيها ما يصلحها. وعن قتادة قال : صلاحها. وقال آخرون: بل معنى ذلك وقدر فيها جبالها وأنهارها وأشجارها . وعن قتادة { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا } خلق فيها جبالها وأنهارها وبحارها وشجرها ، وساكنها من الدواب كلها، وعن مجاهد قال: من المطر، وقال آخرون: وقدر في كل بلدة منها ما لم يجعله في الآخر منها لمعاش بعضهم من بعض بالتجارة من بلدة إلى بلدة .



    وعن عكرمة قال { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا }: في كل أرض قوت لا يصلح في غيرها، اليماني باليمن ، والسابري بسابور ، وقال: البلد يكون فيه القوت أو الشيء لا يكون لغيره، ألا ترى أن السابري إنما يكون بسابور، وأن العصب إنما يكون باليمن ونحو ذلك.

    والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى أخبر أنه قدر في الأرض أقوات أهلها، وذلك ما يقوتهم من الغذاء، ويصلحهم من المعاش، ولم يخصص جل ثناؤه بقوله { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا } أنه قدر فيها قوتًا دون قوت، بل عم الخبر عن تقديره فيها جميع الأقوات، ومما يقوت أهلها ما لا يصلحهم غيره من الغذاء، وذلك لا يكون إلا بالمطر والتصرف في البلاد لما خص به بعضا دون بعض ومما أخرج من الجبال من الجواهر، ومن البحر من المآكل والحلي، ولا قول في ذلك أصح مما قال جل ثناؤه : قدر في الأرض أقوات أهلها ، لما وصفنا من العلة

    وقال جل ثناؤه : { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } لما ذكرنا قبل من الخبر الذي روينا عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرغ من خلق الأرض وجميع أسبابها ومنافعها من الأشجار والماء والمدائن والعمران والخراب في أربعة أيام، أولهن يوم الأحد، وآخرهن يوم الأربعاء. وعن السدي قال: خلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين، في الثلاثاء والأربعاء، وقال بعض نحويي البصرة: خلق الأرض في يومين، ثم قال في أربعة أيام لأنه يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام، كما تقول: تزوجت أمس امرأة واليوم ثنتين، وإحداهما التي تزوجتها أمس.

    وقوله: { سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم : سواء لمن سأل عن مبلغ الأجل الذي خلق الله فيه الأرض، وجعل فيها الرواسي من فوقها والبركة، وقدر فيها الأقوات بأهلها، وجده كما أخبر الله أربعة أيام لا يزدن على ذلك ولا ينقصن منه، وعن قتادة { سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } من سأل عن ذلك وجده ، كما قال الله، وعن السدي { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } يقول: من سأل فهكذا الأمر، وقال آخرون: سواء لمن سأل ربه شيئا مما به الحاجة إليه من الرزق، فإن الله قد قدر له من الأقوات في الأرض، على قدر مسألة كل سائل منهم لو سأله لما نفذ من علمه فيهم قبل أن يخلقهم.
     

مشاركة هذه الصفحة